[center]
يحاول الجيولوجيون بعد نصف قرن من السعي النفاذ تحت القشرة الارضية الغضة من خلال الحفر عبر القشرة حتى المنطقة، التي تسمى وشاح الأرض.
ويرون أن العلم يعرف حتى الآن الشيء القليل عن باطن الارض، لأننا لا نرى سوى لمسافة عدة كيلومترات تحت الأرض عن الامكنة التي نضع اقدامنا عليها بالنظر الى كون الابحاث التي اجريت حتى الآن تقتصر في الجوهر على الطبقة العليا من الارض، اي على القشرة الارضية.
ولكي تكون الصورة اكثر وضوحا، يقول المتخصصون ان قُطر الارض بالمعدل الوسطي هو 12750 كلم، اما اعمق حفرة تمت في اطار مشروع «ك تي بي» الالماني او الحفرة التي تمت في شبه جزيرة كولا، فقد كانت عميقة لمسافة حوالي 10 كلم، غير ان سماكة القشرة الارضية في المكانين اللذين جرى فيهما الحفر، هي اكثر مما تم الوصول اليه بعدة مرات وتحتها توجد المنطقة التي يهتم بها العلماء بشكل كبير، اي الوشاح الارضي، وهي تمثل نحو ثلثي وزن الكرة الارضية واكثر من %80 من حجم الكرة الارضية الاجمالي، وتحتها يوجد لُب او نواة الأرض.
إن المعلومات الوحيدة التي لدينا عن «الوشاح» تتوسط بها الموجات الزلزالية، وتتم متابعة سرعة انتشارها في الارض عبر ما يسمى التوموغراف الزلزالي، الذي يسمح بسبر المناطق والعمق الذي يقع خارج نطاق الاماكن، التي جرى الحفر فيها، وبالتالي يمكن لنا ان نحدد مثلا في اي الاماكن تنحر الصفائح القارية ببطء القشرة الارضية، واين تظهر التيارات المتصاعدة الساخنة، التي بعد برودها تنشأ صفائح جديدة.
تحت الشراعات
إن عدد العلماء قليل والجيولوجيون يتناقشون منذ عشرات السنين حول كيفية النفاذ بشكل اعمق تحت الارض، ولهذا فرضوا الاقلاع بمشروع «موهول» وقد اخذ المشروع بعين الاعتبار امكانية اجراء حفر عبر القشرة يصل الى الوشاح، وقد تم ذلك عن طريق قعر البحر، لان الحفر فيه افضل من الحفر على اليابسة، لان قشرة الارض تحت المحيط هي اضعف، فعمقها هو حوالي 6 كلم.
وقد قام – في اطار مشروع «موهول» في مارس 1961، اي قبل نصف قرن من الآن – طاقم سفينة الابحاث «سي يو اس اس 1» بأول حفر في قشرة المحيط، وتم من عمق 3800 متر تحت مستوى الماء، و170 مترا تحت قاع المحيط استخراج اول عينة من «الذهب» الجيولوجي.
وللاسف فان هذا النجاح كان وحيدا، فمشروع موهول تعرقل لان المصاعب الفنية والقرارات السيئة لقيادة المشروع ادت الى توقف الكونغرس عن تمويل المشروع غير ان الجيولوجيين لم يستسلموا. ومنذ تلك الفترة نشأت العديد من مشاريع الابحاث لقعر المحيط، غير ان الحفر حتى وشاح الارض كان يتم الحديث عنه فقط.
الآن نستطيع
اما تحقيق الحفر وصولا الى الهدف المحدد فكان ينقصه عشرات الكيلومترات، ولم تتجاوز الحفر التي حفرت تحت المحيط عمق الثلاثة كيلو مترات .
يعتقد الخبراء الآن ان الوقت قد حان لتغيير هذا الوضع لان التقدم الذي حصل في التكنولوجيا الخاصة بهذا الامر تسمح بالحفر الى مستويات اعمق. وحسب المختصة التشيكية فلاستيميلا دفورجاكوفا، فان التكنولوجيا الآن نضجت، وان الشيء المفصلي يكمن في التقدم الذي حصل في مجال المقدرة على البحث البعيد المدى، كما تم في المجال التقني حدوث ثورات في ديناميكية الحفر والتوصل الى انواع جديدة من الثاقبات واجهزة تجميع العينات والمقدرة على تحمل الضغط من 2 كيلوبار ودرجة حرارة تزيد عن 300 درجة مئوية وتسمح بالحفر على عمق اربعة كيلومترات تحت الماء وباختصار فانه تحسن كل شيء منذ حقبة مشروع موهول حتى الآن.
كم سيكلف ذلك؟
ان رضا الجيولوجيين عن التكنولوجيا الجديدة ليس عذريا، فالطواقم الدولية حضرت مشروعا للحفر في ثلاث مناطق من الباسيفيك بالقرب من هاواي يمكن ان يكون البوابة الى الاماكن التي لم يصل اليها الانسان بعد.
ان البحث هناك لن يكون مباشرا، وانما عن طريق الموجات الزلزالية، اما التحضير للحفر في حال حدوث ذلك، فلن يكون سهلا وسيتطلب حجما كبيرا من الاموال وحسب العلماء يمكن ان يستغرق الامر 15 عاما وتعاونا دوليا مكثفا.
ويصعب منذ الآن التكهن بالتكاليف غير ان النفقات بالتأكيد ستكون اقل من تكاليف ابحاث الفضاء او الطيران الى القمر وفق الباحثة التشيكية دفورجاكوفا وزملاء لها من دول مختلفة.
ان العلماء يريدون الوصول الى اماكن هي من النوع النادر مثل كوكبنا غير انهم لن يروها باعينهم مباشرة